المقالات

نقد المهارة

    المهارة مرادفة للدربة في العربية، والملكة في لسان ابن خلدون، وقد اختصر فيلسوف الاجتماع في القرن الثامن الهجري فلسفة المهارة في أمرين: الأول: أنها تحدث عن طريق التكرار والممارسة، والثاني: أنها تنتقل بفعل التكرار والممارسة فتكون صفةً في أول أمرها، ثم حالا في بعد ذلك، حتى إذا رسخت أصحبت ملكة..

المعلم .. كيف يعلم؟!

    العلم أشبه ما يكون بالبحر أو المحيط، الذي لا يبلغ غوره أحد، ولا يمكن حصر ما فيه من العوالم أو الإحاطة بكمه وكيفه، ولذا فلو وجدت رجلاً في خضم هذا البحر على زورق أو سفينة، وهو يغرف بدلو معه الماءَ من جهةٍ ثم يضعه في جهةٍ أخرى، لقلت هذا الرجل مجنون! وكذلك المعلم الذي يغرف المعلومات..

هيستامين الوعي

    يبدو أن هذا التحسس من الغريب الوارد على النفس والذهن، له حد طبيعي مقبول؛ حتى لا نكون وعاء لكل شيء غريب، سواء كان موافقا أم مخالفا، نافعا أم ضارا، وهو بهذا القدر تحسس نافع للوعي ابتداء لأنه يعطي فرصة معقولة للفحص الأولي، والتمييز المبدئي، والتفكير المنطقي، في الأشياء الجديدة والغريبة، ولكنه قطعا غير جيد، وربما يكون مرضيا..

الوعي المعلق

    «الوعي المعلق» مصطلح مركب، يحلو لي أن أطلقه على ظاهرة فكرية اجتماعية، يمكن ملاحظتها في أي مجتمع، أيا كان دينه ونمط حكمه وحياته، وذلك عندما يرتبط مجموعة من الأفراد داخل هذا المجتمع بمشروع فكري منظم، له رموزه وثقافته وأولوياته وتحيزاته، يرتبطون به برابطة عميقة في فترة ظهوره وهيمنته..

ثقافة الاجتهاد والتنمية

    اجتهد الخليل إبراهيم عليه السلام في بناء البيت فاتخذ حجرا يصعد عليه ليتم البناء، فجعله الله آية بينة! واجتهدت هاجر عليها السلام في زم الماء فكانت زمزم بئرا وليست عينا معينا! واجتهد النبي عليه الصلاة والسلام فوافقه الوحي الكريم في مواضع وجاء العتاب في أخرى، واجتهد المسلمون في أمور دنياهم والرسول الكريم بين أظهرهم..

دوائر الوعي

    مواضيع الوعي ومتعلقاته كثيرة، لكن عندما نريد مقاربة مفهوم الوعي في إطار التكيف النفسي والتعايش الاجتماعي، فإنه يمكننا أن نقدم نظرية جيدة ونافعة، يمكن تطبيقها في فضاءات عدة، في الأسرة والعمل والثقافة والاجتماع، وهي مما يساعدنا على الوعي الذاتي، والوعي بالآخر، والتهيئة لمزيد من فرص التعاون الواجب، والتشارك الممكن..

حركة الأفكار

    القارئ لتطور العلوم والأفكار والمعرفة الإنسانية يصاب بالحيرة، ويتسلل إلى عقله شيء من الشك في مسلمات بل ومنظومات كثيرة، عندما يراها لا تسير وفق الشكل الافتراضي لحركة الأفكار، ومن أشد ما يكون أن تفضي به هذه القراءة ليرى البشرية كأنها تدور في حلقات مفرغة، في مسائل كبرى وجودية ومعرفية وقيمية..

البيان قبل الإيمان والقرآن

    ندرك جميعا حق الطفل في الرضاع، ولكن يغفل الكثير منا عن حق الطفل في الحفاظ على لغته الأم، بل وتنشئته تنشئة لغوية سليمة، نراعي فيها سمعه وبصره وفؤاده، فنستودع سمعه الأصوات والكلمات والتهويدات والتنغيمات العذبة الفطرية الرائعة، ونستودع بصره الوجوه الباسمة والصور الحسنة والألوان المرحة..

الناس باعتبارهم أفكارا

    من الأفكار فكرة لا تكاد تبين، وفكرة تملأ ما بين الخافقين، وفكرة حبست صاحبها، وأخرى حررته وأطلقته، وفكرة قتلت الناس جميعا، وفكرة أحيتهم أجمعين، وفكرة لا زالت فكرة، وفكرة صارت هما، وفكرة خلقت عزما، وفكرة أفضت إلى تجربة، وفكرة تجسدت في منتج..

الدهشة!

    جميل أن نبقى حاضرين حاذقين لاستثمار دهشتنا بالأماكن في محاولة الوعي بها والقراءة عنها، والوعي بالأزمنة وتقلبات الليالي والأيام واستيعاب التاريخ والتعرف على المنجزات والنكسات الإنسانية، والوعي بالأفكار ونظارها وتدافعاتها، والوعي بالأحكام وأسبابها وأنساقها، والوعي بالمواقف وتطوراتها وتبدلاتها..

الفهم والإفهام

    إن قدرتنا على الفهم والإفهام تبدأ من وعينا بهما وبدورهما أولا، وبالجهد في الفهم والاجتهاد في الإفهام، وبممارسة ذلك في أمورنا كلها، مع الزوجة والأولاد، ومع المعلمين والطلاب، ومع البائع والمشتري، و بالدربة تنمو قدرتنا على ذلك، و سيتمايز بعضنا على بعض بسرعة الفهم وحضور الذهن ومرونة التفكير ..

سقف المعقولات

    سقف المعقولات ليس حدا يضيق به العقل، وليس نتائج ومسلمات يجب أن نصل إليها، بل هو ظاهرة عقلية عامة، تعري لنا كل السقوف التاريخية والوهمية والدنيا، وتكشف لنا العقول التي لا تنظر للأفق الممكن في سيرها المعرفي، أو لا تكاد تراه، أو توهمنا بأن الدرج سقف لا يمكن تجاوزه، والصعود عليه..

رحلة إلى جوهر الديانات

    كتب بروس فيلر كتابا أسماه الخليل إبراهيم «رحلة إلى جوهر الديانات الثلاث»، وهو في الواقع رحلة معرفية ماتعة لبعض الأماكن المرتبطة بالخليل إبراهيم عليه السلام، التقى فيها «فيلر» ممثلين عن الديانات الإبراهيمية الثلاث، وتحدث عما يجمعهم وما يفرقهم في إيمانهم بمن يسميه بـ «أبي الآباء» والجد المشترك..

هائل ومأهول

    مع تهيؤ فرص التواصل والتثاقف والتدافع الفكري بين الناس، عبر فضاءات وتقنيات وشبكات متاحة لجميع البشر بلا استثناء، وبصورة لم تكن معهودة من قبل، غاضت بها الخصوصية، وفاضت معها الفوضوية، وملأت الفضاء بالمعلومات والاختيارات، وظهر ذلك كله في شاشة صغيرة تلاعبها أصابع الأطفال والمراهقين، وتعجز عن التحكم بها أيدي الكبار والراشدين..

المحماق الفكري

    "المحماق" عند العرب هي المرأة التي تلد الحمقى، والأدبيات العربية مليئة بوصف الحماقة، والتحذير من التعامل مع الحمقى، ومن البلاء العظيم ألا تكون الحماقة استثناء، وألا يتفطن الناس لخطرها وضررها، ولعلي أستعير هذه الإشارة لتوصيف إشكالية فكرية ضربت المجتمعات قديما وحديثا، ليس بقوتها الذاتية..

قبيلة أفعل

    الوعي لا بد أن يجري مجرى التفضيل، بل كل المعاني المتعلقة بالنفس هي كذلك، والعبرة ببحثنا المتجدد عن الوعي والتمثلات العقلية وعن تلبس النفس بكمالات المعاني والأحوال، والقدرة على تقييم الذات والآخر بشيء من الاعتدال، وإدراك أن الوعي متجزئ متعدد، فقد نكون أكثر وعيا في حال دون حال..

العالم كما أراه

    العالم كما أراه، ليس اختزالا لهذا العالم في شخص عبقري، ولا رؤية فيلسوف، بل هو حكاية تجربة إنسانية مفكرة في الذات والآخر والعالم، سبقتها آلاف الحكايات، وتلتها آلاف الحكايات، ولا زال الإنسان يحكي تجربته، حكايات كثيرة، لكن الحكاية التي نحتاجها هي التي تكشف عن تجليات بشرية، وأحوال معتادة، بنظر فيلسوف، وتعبيرات أديب..